إرسال رسول الله إلى الملوك
تذكير الرسول قومه بما حدث للحواريين حين اختلفوا على عيسى
قال ابن هشام : وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى الملوك رسلا من أصحابه وكتب معهم إليهم يدعوهم إلى الإسلام . قال ابن إسحاق : حدثني من أثق به عن أبي بكر الهذلي قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه ذات يوم بعد عمرته التي صد عنها يوم الحديبية ، فقال أ يها الناس إن الله قد بعثني رحمة وكافة فلا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى ابن مريم . فقال أصحابه وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله ؟ قال دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه مبعثا قريبا فرضي وسلم وأما من بعثه مبعثا بعيدا فكره وجهه وتثاقل فشكا ذلك عيسى إلى الله فأصبح المتثاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الأمة التي بعث إليها إرسال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك الحواريون ذكر فيه إرسال عيسى ابن مريم الحواريين وأصح ما قيل في معنى الحواريين أن الحواري هو الخلصان أي الخالص الصافي من كل شيء ومنه الحواري ، والحور وقول المفسرين هو الخلصان كلمة فصيحة أنشد أبو حنيفة
<table dir=rtl cellSpacing=2 cellPadding=1 width="70%"><tr><td noWrap align=right width="45%"> خليلي خلصاني لم يبق حسها </TD> <td noWrap align=middle width="10%"> </TD> <td noWrap align=right width="45%"> من القلب إلا عوذا سببا </SPAN></TD></TR></TABLE>
لها قال والعوذ ما لم تدركه الماشية لارتفاعه أو لأنه بأهداف فكأنه قد عاذ منها . معنى المسيح ونهايته وأصح ما قيل في معنى المسيح على كثرة الأقوال في ذلك أنه الصديق بلغتهم ثم عربته العرب . وكان إرسال المسيح للحواريين بعد ما رفع وصلب الذي شبه به فجاءت مريم الصديقة والمرأة التي كانت مجنونة فأبرأها المسيح وقعدتا عند الجذع تبكيان وقد أصاب أمه من الحزن عليه ما لا يعلم علمه إلا الله فأهبط إليهما ، وقال علام تبكيان ؟ فقالتا : عليك ، فقال إني لم أقتل ولم أصلب ولكن الله رفعني وكرمني ، وشبه عليهم في أمري ، أبلغا عني الحواريين أمري ، أن يلقوني في موضع كذا ليلا ، فجاء الحواريون ذلك الموضع فإذا الجبل قد اشتعل نورا لنزوله به ثم أمرهم أن يدعوا الناس إلى دينه وعبادة ربهم فوجههم إلى الأمم التي ذكر ابن إسحاق وغيره ثم كسي كسوة الملائكة فعرج معهم فصار ملكيا إنسيا سمائيا أرضيا . فصل وذكر في الأمم الأمة الذين يأكلون الناس وهم من الأساودة فيما ذكره الطبري . أسطورة زريب وذكر في الحواريين زريب بن برثملي وهو الذي عاش إلى زمن عمر وسمع نضلة بن معاوية أذانه في الجبل فكلمه فإذا رجل عظيم الخلق رأسه كدور الرحى ، فسأل نضلة والجيش الذين كانوا معه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : قبض وعن أبي بكر فقالوا : قبض ثم سألهم عن عمر فقالوا : هو حي ، ونحن جيشه فقال لهم " أقرئوه مني السلام ثم أمرهم أن يبلغوا عنه وصايا كثيرة وأن يحذر الناس من خصال إذا ظهرت في أمة محمد فقد قرب الأمر ومنها لبس الحرير وشرب الخمر وأن يكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء " . وذكر فيها أيضا المعازف والقيان وأشياء غير هذه فقالوا له من أنت يرحمك الله ؟ فقال زريب بن برثملي حواري عيسى ابن مريم عليه السلام دعوت الله أن يحييني ، حتى أرى أمة محمد أو نحو هذا الكلام وقد أردت الخلوص إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم فلم أستطع حال بيني وبينه الكفار . وذكر الدارقطني في هذا الحديث من طريق مالك بن أنس مرفوعا أن عمر قال لنضلة إن لقيته فأقرئه مني السلام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بذلك الجبل وصيا من أوصياء عيسى عليه السلام والخبر بهذا مشهور عنه " ، وفيه طول فاختصرناه ويقال إنه الآن حي . ومن قال إن الخضر وإلياس قد ماتا ، فمن أصله أيضا أن زريبا قد مات لأنهم يحتجون بالحديث الصحيح إلى رأس مائة سنة لا يبقى على الأرض ممن هو عليها أحد . |