غزوة خيبر </A>
ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
الحديبية ، مكث بالمدينة عشرين يوما ، أو قريبا منها . ثم خرج إلى
خيبر . واستخلف على
المدينة سباع بن عرفطة وقدم
أبو هريرة حينئذ
المدينة مسلما . فوافى سباعا في صلاة الصبح . فسمعه يقرأ
ويل للمطففين فقال - وهو في الصلاة - ويل أبي فلان له مكيالان إذا اكتال بالوافي ، وإذا كال كال بالناقص .
وقال
سلمة بن الأكوع : خرجنا إلى
خيبر . فقال رجل لعامر بن الأكوع ألا تسمعنا من هنياتك ؟ فنزل يحدو ويقول
لا هم لولا أنت ما اهتدينا |
| ولا تصدقنا ولا صلينا |
فأنزلن سكينة علينا |
| وثبت الأقدام إن لاقينا |
إنا إذا صيح بنا أتينا |
| وبالصياح عولوا علينا |
قال فأتينا
خيبر . فحاصرناهم حتى أصابتنا مخمصة شديدة . فلما تصافوا خرج مرحب يخطر بسيفه ويقول -
فنزل إليه عامر وهو يقول -
فاختلفا ضربتين . فوقع سيف مرحب في ترس عامر فعضه . فذهب عامر يسفل له - وكان سيفه قصرا - فرجع إليه سيف فأصاب ركبته فمات .
قال سلمة فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم زعموا أن عامرا حبط عمله فقال " كذب من قال ذلك إن له أجران -
وجمع بين إصبعيه - إنه لجاهد
مجاهد ، قل عربي مشى بها مثله " . ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من
خيبر قال " قفوا " فوقف الجيش .
فقال " اللهم رب السموات وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما أذرين . فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها ، وخير ما فيها . ونعوذ بك من شر هذه القرية وشر أهلها ، وشر ما فيها . أقدموا باسم الله " .
فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريبا من عشرين ليلة . وكانت أرضا وخمة شديدة الحر . فجهد المسلمون جهدا شديدا . فقام النبي صلى الله عليه وسلم فيهم . فوعظهم وحضهم على الجهاد .
وكان فيهم عبد أسود فقال يا رسول الله إني رجل أسود اللون قبيح الوجه منتن الريح لا مال لي . فإن قاتلت هؤلاء حتى أقتل أدخل الجنة ؟ قال "
نعم " فتقدم . فقاتل حتى قتل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما رآه " لقد حسن الله وجهك ، وطيب ريحك . وكثر مالك " وقال " لقد رأيت زوجتيه من الحور العين تتنازعان جبة عليه . وتدخلان فيما بين جلده وجبته " .
فحاصرهم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه الصلح . ونزل إليه سلام
ابن أبي الحقيق فصالحهم على حقن الدماء وعلى الذرية ويخرجون من
خيبر
، ويخلون ما كان لهم من مال وأرض . وعلى
الصفراء والبيضاء والحلقة إلا ثوبا على ظهر إنسان .
فلما أراد أن يجليهم قالوا : نحن أعلم بهذه الأرض منكم . فدعنا نكون فيها . فأعطاهم إياها ، على شطر ما يخرج من ثمرها وزرعها .
ثم قسمها على ستة وثلاثين سهما ، كل سهم مائة سهم . فكانت ثلاثة آلاف وستمائة سهم . نصفها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وما ينزل به من أمور المسلمين . والنصف الآخر قسمه بين المسلمين </SPAN>