غزوة مؤتة </A>
وسببها :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك
الروم
- أو
بصرى - فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني . فقتله - ولم يقتل لرسول الله صلى الله عليه وسلم رسول غيره - فاشتد ذلك عليه فبعث البعوث . واستعمل عليهم
زيد بن حارثة ، وقال "
إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس وإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة " فتجهزوا . وهم ثلاثة آلاف .
فلما حضر خروجهم . ودع الناس أمراء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا عليهم . فبكى
عبد الله بن رواحة . فقالوا
ما يبكيك ؟ فقال أما والله ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم . ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار ( 16 : 71 )
وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا </A>
ولست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود ؟ فقال المسلمون صحبكم الله ودفع عنكم . وردكم إلينا صالحين . فقال ابن رواحة
لكنني أسأل الرحمن مغفرة |
| وضربة ذات فرع تقذف الزبدا |
أو طعنة بيدي حران مجهزة |
| بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا |
حتى يقال إذا مروا على جدتي : |
| يا أرشد الله من غاز . وقد رشدا </SPAN> |
فأقاموا ليلتين ينظرون في أمرهم .
وقالوا : نكتب إلى رسول الله فنخبره . فإما أن يمدنا ، وإما أن يأمرنا بأمره فشجعهم
عبد الله بن رواحة ، وقال والله إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة . وما نقاتل الناس بقوة ولا كثرة وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظفر . وإما شهادة .
فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم
البلقاء لقيتهم الجموع . فانحاز المسلمون إلى مؤتة . ثم اقتتلوا عندها والراية في يد زيد . فلم يزل يقاتل بها حتى شاط في رماح القوم . فأخذها جعفر فقاتل بها . حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه فعقرها . ثم قاتل حتى قطعت يمينه . فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره . فاحتضن الراية حتى قتل . وله ثلاث وثلاثون سنة .
رضي الله عنهم . ثم أخذها
عبد الله بن رواحة . فتقدم بها ، وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويقول
ويقول أيضا
ثم نزل فأتاه فناداه ابن عم له بعرق من لحم . فقال شد بهذا صلبك ، فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت . فأخذها فانتهس منها نهسة ثم سمع الخطمة في ناحية الناس . فقال وأنت في الدنيا ؟ فألقاها من يده وتقدم . فقاتل حتى قتل .
ثم أخذ الراية
خالد بن الوليد . فدافع القوم وخاشى بهم ثم انحازوا ، وانصرف الناس .
وقال ابن عمر وجدنا ما بين صدر جعفر ومنكبه وما أقبل منه تسعين جراحة .
وقال زيد بن أرقم كنت يتيما لعبد الله بن رواحة . فخرج بي في سفره ذلك مردفي على حقيبة رحله . فوالله إنه ليسير ذات ليلة إذ سمعته وهو ينشد شعرا :
إذا أديتني وحملت رحلي |
| مسيرة أربع بعد الحسام |
فشأنك فانعمي ، وخلاك ذم |
| ولا أرجع إلى أهلي ورائي |
وجاء المسلمون وغادروني |
| بأرض الشام مستنهي الثواء |
وردك كل ذي نسب قريب |
| إلى الرحمن منقطع الإخاء |
هنالك لا أبالي طلع بعل |
| ولا نخل أسافلها ورائي </SPAN> |
قال فبكيت . فخفقني بالسوط وقال ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شعبتي الرحل
.
وكانت سنة ثمان في رمضان .
وسببها :
أن بكرا عدت على
خزاعة في مائهم "
الوتير " فبيتوهم وقتلوا منهم . وكان في صلح
الحديبية " أن من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ومن أحب أن يدخل في عقد
قريش فعل " فدخلت بنو بكر في عقد
قريش ، ودخلت
خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم إن بني بكر وثبوا على
خزاعة ليلا بماء يقال له
الوتير ، قريبا من
مكة . وأعانت
قريش بني بكر بالسلاح . وقاتل معهم بعضهم مستخفيا ليلا ، حتى لجأت
خزاعة إلى الحرم .
فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر لنوفل بن معاوية الديلي - وكان يومئذ قائدهم -
يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلهك إلهك . فقال كلمة عظيمة لا إله له اليوم . يا بني بكر أصيبوا ثأركم . فلعمري إنكم لتسرقون في
الحرم . أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟
يا رب إني ناشد محمدا |
| حلف أبينا وأبيه الأتلدا |
قد كنتموا ولدا وكنا والدا |
| ثمت أسلمنا ولم ننزع يدا |
فانصر هداك الله نصرا أيدا |
| وادع عباد الله يأتوا مددا |
فيهم رسول الله قد تجردا |
| أبيض مثل البدر يسمو صعدا |
إن سيم خسفا وجهه تربدا |
| في فيلق كالبحر يجري مزبدا |
إن قريشا أخلفوك الموعدا |
| ونقضوا ميثاقك المؤكدا |
وجعلوا لي في كداء رصدا |
| وزعموا أن لست أدعو أحدا |
وهم أذل وأقل عددا |
| هم بيتونا بالوتير هجدا |
ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من
خزاعة ، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة ، فأخبروه بما أصيب منهم وبمظاهرة
قريش بني بكر عليهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس "
كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم ليشد العقد ويزيد في المدة . بعثته
قريش . وقد رهبوا للذي صنعوا
" .